فاشية الحكم في "إسرائيل"

فاشية الحكم في "إسرائيل"

  • فاشية الحكم في "إسرائيل"

اخرى قبل 1 سنة

فاشية الحكم في "إسرائيل"

بكر أبوبكر

أفرز الاستحقاق الانتخابي الأخير في كيان الاحتلال الصهيوني للانتخابات الخامسة للكنيست خلال 4 سنوات، وذلك منذ أيام في شهرنوفمبر 2022م، تفوقاً ملحوظاً لليمين الصهيوني المتطرف والإرهابي، وذاك الديني وذلك بعد منافسة شرسة فاز بنهايتها رئيس الوزراء السابق "بنيامين نتنياهو" الشهير بعدائه للعرب، وبفكره التوراتي العنصري الخرافي رغم أنه يجرجر خلفه تهمًا عديدة بالفساد هو وزوجته!؟

وعن هذه الانتخابات وصعود اليمين العنصري بكافة أجنحته، وذوبان اليسارالإسرائيلي قال الصحفي الإسرائيلي، يوسي ميلمان، بأن الحاصل "أعمق من نتائج انتخابات". وأضاف في مقال له نشرته صحيفة "هآرتس" أن "اليسار والوسط عِرق آخذ في الانقراض داخل المجتمع الإسرائيلي. وهذا ليس موضوع أرقام ومقاعد في نتائج الانتخابات، بل يدور الحديث عن شيء أعمق، عملية مستمرة منذ سنوات، وهي تغير وجه المجتمع الإسرائيلي".

لقد حصل حزب العمل مؤسس الدولة الصهيونية بزعامة بن غوريون آنذاك، على 4 مقاعد فقط من 120 مقعدًا فيما حصل اليسار ممثلًا بحزب "ميرتس" على صفر مقاعد! وتعملق الفكر الديني المغرق بعنصريته مع الفكرالصهيوني المتطرف المنسوب خاصة لفكر الصهيوني جابوتنسكي.

عودة لجابوتنسكي الفاشي

يقول الكاتب أحمد مصطفى جابر[1] في صحيفة الهدف أن: "زئيف فلاديمير جابوتنسكي [ولد في أوديسا في أكرانيا عام 1880 وتوفي في الولايات المتحدة 1940] يعتبر من أبرز الشخصيات في تاريخ الحركة الصهيونية، وأكثرها إثارة للجدل، ليس فقط حول صراعه السياسي مع ديفيد بن غوريون، ولكن بسبب طبيعته الشخصية التي تثير الكثير من الشكوك، واعتباره مغامرا حينا وفاشيا (نازيًا) بينما أثبت ولاءه أكثر من مرة للامبراطورية البريطانية، وهو اليوم الاسم الأكثر بروزا ربما، والذي يكاد "بنيامين نتنياهو" يعتبر نفسه وريثه الشرعي، مع العلم أن بنسيون نتنياهو (بن صهيون) والد رئيس وزراء الاحتلال السابق والقادم، كان أحد مقربي جابوتنسكي وأتباعه، وربطت بينهما علاقة سياسية وعائلية متينة، وقد قال "رؤوبين ريفلين" رئيس دولة الكيان-السابق- إن نتنياهو تعلم الصهيونية الخالصة من رجل (أبيه) كان مقربا جدا من جابوتنسكي.

عادة ما يعتبر فلاديمير جابوتنسكي الممثل النموذجي لحقيقة الفاشية الصهيونية، وكان هو المعبر الأصدق عن حقيقة الصهيونية بوصفها ليست سوى نموذج آخر معدل عن الفاشية (ومن الممكن الإشارة للنازية في تحليلات أخرى)، لقد اختلف معه الصهاينة الآخرون وعارضوه ولكن الحقائق تؤكد إنهم اتبعوا دوما برنامجه."

مفهوم جابوتنسكي وما قبله

ويضيف أحمد مصطفى جابر أن مفهوم جابوتنسكي للعالم "يرتكز على العَرق، فالوحدة العرقية (المتوهمة عنده، حيث ثبت علميا تعدد أعراق اليهود وقومياتهم وجنسياتهم) عنده هي أصل قيام الأمم لذلك فان الوحدة العرقية والقوة هما نقطتا انطلاق برنامجه السياسي. وقد استمد جابوتنسكي الكثير من عناصر فاشيته (ونازيته) الصريحة من تجربته الإيطالية التي عاش فيها زمن صعود الفاشية واستيلائها على السلطة في إيطاليا، وكان سعيداً بتجربتها وانتصارها منتشيًا بالقيم التي تنشرها. وكانت دعواه بالصهيونية الواحدية أكبر ردّ على مزاعم الصهيونية بتقاربها مع الاشتراكية. وقد قال عنه موسوليني في كلامه للحاخام براتو عام 1935 "لابد لكم من دولة يهودية، بعلم يهودي ولغة يهودية، والشخص الذي يفهم ذلك هو فاشيّكم جابوتنسكي"."

بعيداً من المفهوم التاريخي، يعرّف الباحث خالد عودة الله في إحدى محاضراته فكر جابوتنسكي بشكل أبسط، إذ إننا نستطيع تلخيصه بكلمة واحدة هي اليأس! أو تحقيق التيئيس، أي أن جابوتنسكي الواقعي وقتها، والذي ينطلق من مسلّمة أن الفلسطينيين "شعب حيّ" ما دام فيهم أمل (وهو للىن شعب حي ولن يفقد الأمل)، يرى أنهم لن يتنازلوا للصهاينة الذين يتلخّص هدفهم بخلق أغلبية يهوديّة في فلسطين، بالتالي لم يكن الحوار معهم ذا جدوى في تلك المرحلة.

ومن هنا برأي جابوتنسكي فإن على المشروع الصهيوني زرع اليأس والإحباط في نفوس الفلسطينيين، حتى يفقدوا كلّ شذرة أو بصيص أمل بطرد اليهود المستعمرين. وفي النتيجة، سيختارون قادةً أكثر "اعتدالاً"، يسمحون بالوصول إلى "تفاهم" مع اليهود.

دعنا نوضح إن الجذور العنصرية والاستعلائية والإقصائية بل والاستعمارية قديمة جدًا على الفكر الصهيوني، وعلى فترة ظهور جابوتنسكي، سواء تلك الأفكارالمستندة للعداء المسيحي الغربي لمواطنيهم اليهود في أوربا وروسيا، واضطهادهم فيما أصبح في أوربا معضلة "المسألة اليهودية" والتخلص منهم –قبل المذابح النازية بكثير-أو المستندة لمطامع غربية استعمارية في إرث الدولة العثمانية وأمة العرب، أو تلك المرتبطة بالمباني التوراتية الأسطورية أو المسيحية-الصهيونية المسيانية (عودة المسيح) التي لعبت بعقل المعادين للمواطنين لليهود الأوربيين امثال بلفور ذاته، أو لمفاهيم "قومية" مدعّاة ومصطنعة.

إن الفكرة الاستعمارية لفلسطين تلت تلك العقيدة المسيانية (المسيحانية) الخرافية منذ قرون، وقبل نشوء الصهيونية الحديثة عام 1897م، وقبل ظهور فاشية وتطرف فكر جابوتنسكي حتى أنه كما يقول الكاتب رائف زريق[2] "لا يحتاج المرء إلى‏ كثير من العناء كي يلاحظ النغمة الاستعلائية الكولونيالية التي يتسم بها كثير من كتابات الصهيونيين الأوائل. فكتاب هيرتسل «البلاد القديمة الجديدة» مملوء بالتعابير التي تشير إلى‏ بدائية السكان الأصليين وهمجيتهم في مقابل تفوق الأوروبيين وحضارتهم."

يكتب حسام عبدالكريم[3] قائلا: "أصبح عضوا "بيتار"-منظمة جابوتنسكي الإرهابية- الإرهابيان القديمان، مناحيم بيغن وخليفته إسحاق شامير، رئيسَي حكومة في "إسرائيل" لـ14 عاماً، قبل أن يسلما الراية للجيل الجديد من أبناء "الصهيونية التصحيحية"-ما اطلق على صهيونية جابوتنسكي-، ممثلاً ببنيامين نتنياهو، ابن رفيقهما القديم بنزيون نتنياهو (والده)، الذي بقي في الحكم 15 سنة أخرى. " والعائد اليوم بقوة الانغلاق اليميني الصهيوني وانتشار فكر التطرف الديني والصهيوني السياسي.

ويقول أليف صباغ[4] تعليقًا على عودة اليمين الفاشي لحكم الدولة العبرية: "لا بد أن تتكاثف الجهود لإقامة الجبهة الوطنية الديموقراطية، وهدفها الأساس هو مواجهة الفاشية الصهيونية" "وهذه القوى هي الغالبية الحقيقية لشعبنا، وهي قادرة على مواجهة الفاشية وأيديولوجيتها الصهيونية العنصرية العدوانية والاستعمارية."

حاشية

[1] عنوان المقال العودة إلى جابوتنسكي تحليل الذئب في فرو الحمل: قراءات جديدة، وهو مقدمة ثم ترجمة للكاتب أحمد مصطفى جابر عام 2020 في صحيفة الهدف، وهي ترجمة معالجة لنص طويل كتبه البروفيسورآري دوبنوف الذي يرأس حاليا كرسي ماكس تيكتين للدراسات الإسرائيلية في قسم التاريخ في جامعة جورج واشنطن والذي يقدم صورة مختلفة لجابوتنسكي داحضا المزاعم الأسطورية التي بنيت حول شخصيته، ليظهر كما نستنتج مجرد فاشي وضيع آخر.

2 رائف زريق في دراسته المعنونة: إسرائيل: خلفية أيديولوجية وتاريخية، فصل من كتاب دليل إسرائيل العام 2020 الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

3 حسام عبدالكريم في مقاله بصحيفة الاخبار بعنوان "بيتار": التنظيم الفاشي الذي أنتج 3 رؤساء حكومة إسرائيليين (المقصود بيغن وشامير ونتنياهو).

4 أليف صباغ 2022م تشرين ثاني في مقاله المعنون: الفاشية الصهيونية تتسلم السلطة: مَن؟ وكيف نواجهها؟

#بكر_أبوبكر

 


[1] عنوان المقال العودة إلى جابوتنسكي تحليل الذئب في فرو الحمل: قراءات جديدة، وهو مقدمة ثم ترجمة للكاتب أحمد مصطفى جابر عام 2020 في صحيفة الهدف، وهي ترجمة معالجة لنص طويل كتبه البروفيسورآري دوبنوف الذي يرأس حاليا كرسي ماكس تيكتين للدراسات الإسرائيلية في قسم التاريخ في جامعة جورج واشنطن والذي يقدم صورة مختلفة لجابوتنسكي داحضا المزاعم الأسطورية التي بنيت حول شخصيته، ليظهر كما نستنتج مجرد فاشي وضيع آخر.

[2] رائف زريق في دراسته المعنونة: إسرائيل: خلفية أيديولوجية وتاريخية، فصل من كتاب دليل إسرائيل العام 2020 الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

[3] حسام عبدالكريم في مقاله بصحيفة الاخبار بعنوان "بيتار": التنظيم الفاشي الذي أنتج 3 رؤساء حكومة إسرائيليين (المقصود بيغن وشامير ونتنياهو).

[4] أليف صباغ 2022م تشرين ثاني في مقاله المعنون: الفاشية الصهيونية تتسلم السلطة: مَن؟ وكيف نواجهها؟

 

 

التعليقات على خبر: فاشية الحكم في "إسرائيل"

حمل التطبيق الأن